تأملات في حركة الأرجوحة

حركة الأرجوحة حركة دفاعية في رياضة المونوتييزم و تنتمي لصنف حركات الموج

 

حركة الأرجوحة

 

001    002    003    004

⇐                              ⇐                              ⇐                              ⇐

 

 

إن المتأمل في هذا الكون الشاسع ، يلاحظ في كل آن ، جمال و تناسق بديع للصور الكونية ، (سواء كانت صور حركية ميكانيكية ، أو صور شكلية  أو صور حسية  أو نفسية  و روحية …. )

هذه الصور الكونية تكشف للمتأمّل و المتفكّر،  صيغة التآلف و التطابق و التماثل البديع، الذي بدوره يوحي بالوحدة (1) الفنية لهيكليّة هذا الكون الممتد.

 و ما رياضة ” المونوتييزم ” إلا صورة من هذه الصور، التي لا تحصى ولا تعد .

إن الأمثال و التطبيقات للصورة الفنية للموج ، تتجلى في حركة الأرجوحة بعناوين و مواضيع متعددة نذكر منها :

الحركات و القوى الميكانيكية  –  الإيقاع السمعي و الموجات الصوتية  –  التنوع اللوني و التدرجات الضوئية …

الموضوع الأول :

 الحركات و القوى الميكانيكية

حركة الأرجوحة في رياضة المونوتييزم ، حركة فنية من عائلة حركات الموج ، تماثل في صورتها الحركية حركة الموجة على حافة اليابسة .

 فتعبئة الموجة و تعاظم حجمها حسب العمق ، ثم اقترابها من الساحل تدريجيا، هي قوة عظيمة تفتك بكل من يحاول اعتراضها (صورة 1 و 2 ) ، كذلك بداية مشهد حركة الأرجوحة في هجومها .

vague avec fleche 1 force 1 arab photo pdf

صورة 1

vague uki debut arab

صورة 2

إن المتأمل في القوى الميكانيكية لحركة الموج يرى الحجم المائي المتراكم و المتصاعد يسير في اتجاه معين ، مولدا  قوة كبرى ، هذه القوة العظيمة ، عبارة على هجوم موجه يحمل في طياته قوى و معاني عديدة ، منها التخلص من الخصم ، كما يتخلص البحر من فضلات الإنسان ، و ذلك برميها خارجا على ضفاف السواحل ، و كأنه يقول للبشرية جمعاء ، خذوا أوساخكم و قذاراتكم بعيدا عني ، فقد أكلتم و تأكلون من خيري و تدنسون و تعكرون صفوي(2)

  …… لكن هذا التخلص و بهذه الكيفية لا جدوى منه لأنه وقتي ، و تبقى أوساخنا تترنح على شواطِئَ ملت و كلت ….  فالخلاص الوحيد هو تدخل هذا الإنسان و كفه عن الإيذاء و عدم المبالات ، سواء بتطهير البحار و السواحل من الفضلات مع الإحساس بروح المسؤولية و التحكم في كل الحركات الإرادية و الغير إرادية من رمي كيس من البلاستك في هذا الكون الفسيح  أو أي مادة أخرى مضرة للبيئة  قليلة كانت أم كثيرة ….

مقابل هذه القوة العظيمة و هذا الهجوم المشروع كونيا و ليس تشريعيا(3)  تظهر ردة الفعل الخفيفة و الظريفة ، هي ردة فعل فطرية ترتكز على الليونة و الحكمة ، تكاد تكون مخفية ، و لكن آثارها إيجابية يقينية …

فهذه القوة الخفيفة و اللطيفة من ردة الفعل الظريفة ، و التي تكاد تكون مخفية ، تظهر في سريان الماء و رجوعه  بلطف بعد ملامسته حافة اليابسة (الشاطئ) ، عملية الجزر التي تصاحب عملية المد للموجة . (صورة  3 و 4 )

0020 (0-00-00-00)_

صورة 3

هذه الحركة الخفيفة لعودة الماء و سريانه متسللا تحت مياه الموج المتراكمة والمتتالية ، هي نفسها حركة الدفاع الفطرية ، المتمثلة في الانحناء و التسلل تحت المنافس بخفة و سلاسة للوصول إلى محور الهجوم و توجيهه نحو الهدف المنشود بعيدا عن الصدام …

عملية المتابعة و المسايرة  للحركة ، مع التزامن و التناسق المطلوب ، حتى التمازج و التحلل ، تجعل المدافع يوظف قوة المهاجم و يستغلها في دفاعه ، فيقلل بذلك  من مجهوده و طاقته للوصول إلى غايته ، بدون ضرر و لا عناء و ذلك تطبيقا لقاعدة أساسية في رياضة المونوتييزم ألا وهي : ( توظيف المقتضى للوصول إلى المرتضى )  و كذلك قاعدة  : ( بأقل مجهود إلى أعلى مردود ) (4)

copie 03 fleche

صورة 4

هذا التمركز الخفي للمدافع إثر تسلله بلطف تحت المهاجم يجعله في محور الصورة الحركية ، مؤثرا دون ظهور ، حيث الاتّحاد و التحلل .  (صورة  5 و 6 )

لاَ تَبحَثَنَّ عن الظّهور         فقد تُصاب بالغرور

وَانْشُطْ بفِعْلِكَ خِفْيَةً        فكذلك تُقضَى الأمور

كن كالهواء مُنْعِشًا            لاَ كَالدُّخَانِ إذْ يَبُور

…………………………………………….

لا ترى الريح بِعَيْنٍ          و ترى منها الأثر

حَسِّنِ الأوْضَاعَ سِرًّا        دُونَ سَعْيٍ لِنَظَر .

005

صورة 5

vague docc 1

صورة 6

 

و مسك الختام الراحة و الاستسلام

فبعد الإمساك بالزّمام ، يُسَاقُ الموقف لبر الأمان ، فيأتي دور الإسقاط ، بأسراره الخفية و آهاته الزكية ، فبعد عُلوِّ الماء وارتفاعه الكبير يخر من عليائه منبسطا على الحصير، فتسمع للماء خرير و شقشقة  و ترتيل ، و كأنه  ساجدا صاغرا على ضفاف الحصير (5)

مَا طَارَ طَيْرٌ وَارْتَفَعْ *** إِلّا كَمَا طَارَ وَقَعْ (6)

فبعد الهجوم يأتي الوُجُوم(7) ، و لا بد لكل حركة من سكون … إنها سنة الكون و القانون ، و هكذا قد يتكرر المشهد و يدوم ، إلى أن يتجلّى الصُّبْحُ و تنقشعُ الغيوم  …

 

 

 

                                                                                                                                         29/11/2020         رمزي  شبيل  

 

 

 

 

 

—————————————-
1 : هي النظرة الروحية و الفلسفية لرياضة المونوتييزم
2  :   الآية القرآنية  الروم 41  : ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ا ….
3 :  هجوم مشروع إذا نظرنا إليه من جانب تكويني أما إذا نظرنا إليه من جانب تشريعي فهو مذموم و يعاقب صاحبه قانونا …فأي حدث في هذا الكون خيرا كان أم شرا إلا و يتحقق بمشيئة إلهية ، فالإله هو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الذي جعل لكل شيء قدرا ، فقد يكون مثلا فعل الإنسان من النظرة التكوينية خير و لكنه من النظرة التشريعية شر و يعاقب عليه ، و مثال ذلك كأن يلقي أحدنا قشرة موز على رصيف تكون سببا لانزلاق أحد المارة  و هذا فعل مذموم و يعاقب عليه تشريعا و لكنه من النظرة التكوينية قد يكون جزاء وفاقا  لذلك الإنسان المصاب إثر انزلاقه ، ذلك لأنه عنف مثلا والدته المسكينة و ضربها بيده فما كان منها إلا أن دعت عليه بأن يكسر الله يده  ، فتحقق دعائها فور خروجه من البيت … فتأمل !
4 :  إرجع إلى رواق التقديم في نفس الموقع   www.monotheisme.net   تحت عنوان القواعد الأساسية و الكونية لرياضة المونوتييزم .
5 : صورة من الصور الكونية  لسجود الكائنات ، بحث سيقع نشره تحت عنوان السقوط و فلسفته في رياضة المونوتييزم  (نظرة رياضة المونوتييزم لحركات السقوط و الإسقاط) .
6 : بيت من قصيدة الإمام الشافعي  ،  القصيد (حسبي بعلمي إن نفع *** ما الذل إلا في الطمع …)
7 : الوجوم هو السكون و الصمت
 

 

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
© 2016 monotheisme. All Rights Reserved.